فصل: تفسير الآية رقم (116)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***


تفسير الآية رقم ‏[‏113‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَلَا تَمِيلُوا، أَيُّهَا النَّاسُ، إِلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ، فَتَقْبَلُوا مِنْهُمْ وَتَرْضَوْا أَعْمَالَهُمْ ‏{‏فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ‏}‏، بِفِعْلِكُمْ ذَلِكَ وَمَا لَكَمَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ نَاصَرٍ يَنْصُرُكُمْ وَوَلِيٍّ يَلِيَكُمْ ‏{‏ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَمْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ، بَلْ يُخَلِّيْكُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ وَيُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ عَدُوَّكُمْ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ‏}‏، يَعْنِي‏:‏ الرُّكُونُ إِلَى الشِّرْكِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا‏}‏، يَقُولُ‏:‏ لَا تَرْضَوْا أَعْمَالَهُمْ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا‏}‏، يَقُولُ‏:‏ لَا تَرْضَوْا أَعْمَالَهُمْ‏.‏ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏الرُّكُونُ‏"‏، الرِّضَى‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا‏}‏، قَالَ‏:‏ لَا تَرْضَوْا أَعْمَالَهُمْ ‏{‏فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا‏}‏، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ وَلَا تَمِيلُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ لَا تَلْحَقُوا بِالشِّرْكِ، وَهُوَ الَّذِي خَرَجْتُمْ مِنْهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ‏}‏، قَالَ‏:‏ ‏"‏الرُّكُونُ‏"‏، الْإِدْهَانُ‏.‏ وَقَرَأَ‏:‏ ‏{‏وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ‏}‏، ‏[‏سُورَةُ الْقَلَمِ‏:‏ 9‏]‏، قَالَ‏:‏ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ، وَلَا تُنْكِرُ عَلَيْهِمُ الَّذِي قَالُوا، وَقَدْ قَالُوا الْعَظِيمَ مِنْ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَكِتَابِهِ وَرُسُلِهِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَإِنَّمَا هَذَا لِأَهْلِ الْكُفْرِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ‏.‏ أَمَّا أَهْلُ الذُّنُوبِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِذُنُوبِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ‏.‏ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ، وَلَا يَرْكَنُ إِلَيْهِ فِيهَا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏114‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏وَأَقِمِ الصَّلَاةَ‏}‏، يَا مُحَمَّدُ، يَعْنِي‏:‏ صَلِّ ‏{‏طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، يَعْنِي الْغَدَاةَ وَالْعَشِيَّ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّتِي عُنِيَتْ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ صَلَوَاتِ الْعَشِيِّ، بَعْدَ إِجْمَاعِ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّ الَّتِي عُنِيَتْ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، الْفَجْرُ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ عُنِيَتْ بِذَلِكَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ‏.‏ قَالُوا‏:‏ وَهُمَا مِنْ صَلَاةِ الْعَشِيِّ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْفَجْرُ، وَصَلَاتَيِ الْعَشِيِّ يَعْنِي الظَّهْرَ وَالْعَصْرَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَصَلَاةُ الْعَشِيِّ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا سُوِيدٌ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعَّبٍ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ فَطَرَفَا النَّهَارِ‏:‏ الْفَجْرُ وَالظَّهْرُ وَالْعَصْرُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ كَعَّبٍ الْقُرَظِيِّ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ ‏{‏طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْفَجْرُ وَالظَّهْرُ وَالْعَصْرُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْفَجْرُ وَالظَّهْرُ وَالْعَصْرُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ عَنَى بِهَا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ صَلَاةُ الْغَدَاةِ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏.‏ صَلَاةُ الْغَدَاةِ وَالْمَغْرِبِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، الصُّبْحَ، وَالْمَغْرِبَ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ عُنِيَ بِهَا‏:‏ صَلَاةَ الْعَصْرِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ صَلَاةُ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ سَعِيدٍ الْقُبَائِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ، قَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ ‏{‏طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، الْغَدَاةُ وَالْعَصْرُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، يَعْنِي صَلَاةَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالََةَ، عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، الْغَدَاةَ وَالْعَصْرَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْغَدَاةُ وَالْعَصْرُ‏.‏

وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ بَلْ عَنَى بِطَرَفَيِ النَّهَارِ‏,‏ الظَّهْرَ، وَالْعَصْرَ، وَبِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏زُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، الْمَغْرِ بُ، وَالْعِشَاءُ، وَالصُّبْحُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ ‏"‏هِيَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ‏"‏، كَمَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏

وَإِنَّمَا قُلْنَا هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مِنْ ذَلِكَ صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَهِيَ تُصَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ‏.‏ فَالْوَاجِبُ إِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِهِمْ إِجْمَاعًا، أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الطَّرَفِ الْآخَرِ الْمَغْرِبِ، لِأَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ‏.‏ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِصَلَاةِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِصَلَاةِ الطَّرَفِ الْآخَرِ بَعْدَ طُلُوعِهَا، وَذَلِكَ مَا لَا نَعْلَمُ قَائِلًا قَالَهُ، إِلَّا مَنْ قَالَ‏:‏ ‏"‏عَنَى بِذَلِكَ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ‏"‏‏.‏ وَذَلِكَ قَوْلٌ لَا يُخِيلُ فَسَادَهُ، لِأَنَّهُمَا إِلَى أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ صَلَاةِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، أَقْرَبُ مِنْهُمَا إِلَى أَنْ يَكُونَا مِنْ صَلَاةِ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏.‏ وَذَلِكَ أَنَّ ‏"‏الظَّهْرَ‏"‏ لَا شَكٌّ أَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِ النَّهَارِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهُ، فَمُحَالٌ أَنْ تَكُونَ مِنْ طَرَفِ النَّهَارِ الْأَوَّلِ، وَهِيَ فِي طَرَفِهِ الْآخَرِ‏.‏

فَإِذَا كَانَ لَا قَائِلَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏عَنَى بِصَلَاةِ طَرَفِ النَّهَارِ الْأَوَّلِ صَلَاةً بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ‏"‏، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ‏:‏ ‏"‏عَنَى بِصَلَاةِ طَرَفِ النَّهَارِ الْآخَرِ صَلَاةً قَبْلَ غُرُوبِهَا‏"‏‏.‏

وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ، وَفَسَدَ مَا خَالَفَهُ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، فَإِنَّهُ يَعْنِي‏:‏ سَاعَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ‏.‏

وَهِيَ جَمْعُ ‏"‏زُلْفَةٍ‏"‏، وَ ‏"‏الزُّلْفَةُ‏"‏، السَّاعَةُ، وَالْمَنْزِلَةُ، وَالْقُرْبَةُ، وَقِيلَ‏:‏ إِنَّمَا سُمِّيَتْ ‏"‏الْمُزْدَلِفَةُ ‏"‏وَ‏"‏جَمْع‏"‏ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا مَنْزِلٌ بَعْدَ عَرَفَةَ وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِازْدِلَافِ آدَمَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى حَوَّاءَ وَهِيَ بِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَاجِ فِي صِفَةِ بَعِيرٍ‏:‏

نَاجٍ طَوَاهُ الْأَيْنُ مِمَّا وَجَفَا *** طَيَّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفَا

وَاخْتَلَفَتِ الْقَرْأَةُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ‏.‏

فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ‏:‏ ‏(‏وَزُلَفًا‏)‏، بِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ اللَّامِ‏.‏

وَقَرَأَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِضَمِّ الزَّايِ وَاللَّامِ كَأَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ، وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ‏"‏الْحُلْمُ‏"‏‏.‏

وَقَرَأَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ‏:‏ ‏(‏وَزُلْفًا‏)‏، بِضَمِّ الزَّايِ وَتَسْكِينِ اللَّامِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَعْجَبُ الْقِرَاءَاتِ فِي ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَهَا‏:‏ ‏(‏وَزُلَفًا‏)‏، بِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ اللَّامِ، عَلَى مَعْنَى جَمْعِ ‏"‏زُلْفَةٍ‏"‏، كَمَا تَجْمَعُ ‏"‏غُرْفَةً غُرَفٍ‏"‏، وَ‏"‏حُجْرَةً حُجَرٍ‏"‏‏.‏

وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ قِرَاءَةَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لِأَنَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِنَّمَا تُصَلَّى بَعْدَ مُضِيِّ زُلَفٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَهِيَ الَّتِي عُنِيَتْ عِنْدِي بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ السَّاعَاتُ مِنَ اللَّيْلِ صَلَاةُ الْعَتْمَةِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏زَلْفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ صَلَاةُ الْعَتْمَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْعِشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ‏:‏ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُعْجِبُهُ التَّأْخِيرُ بِالْعِشَاءِ وَيَقْرَأُ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، صَلَاةُ الْعَتْمَةِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْعَتْمَةُ، وَمَا ٍَسَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا وَمَشَايِخِنَا، يَقُولُ ‏"‏الْعِشَاءُ‏"‏، مَا يَقُولُونَ إِلَّا ‏"‏الْعَتْمَةَ‏"‏

وَقَالَ قَوْمٌ‏:‏ الصَّلَاةُ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِقَامَتِهَا زُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ وَكِيعٍ، وَاللَّفْظُ لِيَعْقُوبَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُمَا زُلْفَتَانِ مِنَ اللَّيْلِ‏:‏ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ، وَصَلَاةُ الْعِشَاءِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزَلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ ‏{‏زَلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏‏:‏ الْمَغْرِبُ، وَالْعَشَاءُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمَا زُلْفَتَا اللَّيْلِ، الْمَغْرِبُ وَالْعَشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ‏:‏، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا سُوِيدٌ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَوَاقِيتَ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ‏}‏‏[‏سُورَةُ الْإِسْرَاءِ‏:‏ 78‏]‏، قَالَ‏:‏ ‏"‏دُلُوكِهَا‏"‏‏:‏ إِذَا زَالَتْ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ، وَكَانَ لَهَا فِي الْأَرْضِ فَيْءٌ‏.‏ وَقَالَ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ‏}‏، الْغَدَاةُ وَالْعَصْرُ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، الْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ هُمَا زُلْفَتَا اللَّيْلِ، الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَعْنِي صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَصَلَاةَ الْعِشَاءِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا سُوِيدٌ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏زَلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا سُوِيدٌ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ زُلْفَتَا اللَّيْلِ، الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَغْرِبُ وَالْعَشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ‏:‏ ‏{‏وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏زُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ إِنَّ الْإِنَابَةَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَالْعَمَلِ بِمَا يُرْضِيهِ، يُذْهِبُ آثَامَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَيُكَفِّرُ الذُّنُوبَ‏.‏

ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ‏"‏الْحَسَنَاتِ‏"‏ الَّتِي عَنَى اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، اللَّاتِي يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُنَّ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الْمَكْتُوبَاتُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ بْنِ ثُمَامَةَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ، حَدَّثَنَا كَعْبٌ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، قَالَ‏:‏ وَالَّذِي نَفْسُ كَعْبٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ لَهُنَّ الْحَسَنَاتُ الَّتِي يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، كَمَا يَغْسِلُ الْمَاءُ الدَّرَنَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا سُوِيدٌ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَفْلَحَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِىِّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُنَّ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

قَالَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ‏}‏ الصَّلَوَاتِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ جَمِيعًا، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ السَّخْتِ قَالَ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ، الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا سُوِيدٌ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ‏:‏ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الْحَسَنَاتِ الَّتِي يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ السَّيِّئَاتِ كَمَا يَغْسِلُ الْمَاءُ الدَّرَنَ‏:‏ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمْ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَزِيدَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ قَالَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُقَيْلٍ زَهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ الْقُرَشِيُّ مَنْ بَنِيَ تَيْمٍ مِنْ رَهْطِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِثَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقُولُ‏:‏ جَلَسَ عُثْمَانُ يَوْمًا وَجَلَسْنَا مَعَهُ، فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ، فَدَعَا عُثْمَانُ بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ، أَظُنُّهُ سَيَكُونُ فِيهِ قَدْرُ مُدٍّ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ‏:‏ «مِنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ، غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ يَبِيتُ لَيْلَتَهُ يَتَمَرَّغُ، ثُمَّ إِنْ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الصُّبْحَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَهُنَّ الْحَسَنَاتُ يَذْهَبْنَ السَّيِّئَات»‏.‏

حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو زَرْعَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُقَيْلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِثَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ‏:‏ جَلَسَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَوْمًا عَلَى الْمَقَاعِدِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ «‏"‏وَهُنَّ الْحَسَنَاتُ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْحَارِثَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَقُولُ، جَلَسَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَوْمًا عَلَى الْمَقَاعِدِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَهُنَّ الْحَسَنَاتُ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ، حَدَّثَنَا ضَمْضَمُ بْنُ زَرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «جَعَلْتُ الصَّلَوَاتِ كَفَّارَاتٍ لِمَا بَيْنَهُنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ سَيَّارٍ الْقَزَّازُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ قَالَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ، «كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَأَخَذَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا يَابِسًا فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَّ وَرَقُهُ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُنْتُ مَعَهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَأَخَذَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا يَابِسًا فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَّ وَرَقُهُ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ أَلَّا تَسْأَلَنِي لِمَ أَفْعَلُ هَذَا يَا سَلْمَانُ‏؟‏ فَقُلْتُ‏:‏ وَلِمَ تَفْعَلُهُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتَّ هَذَا الْوَرَقُ‏.‏ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏»، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ هُوَ قَوْلُ‏:‏ ‏"‏سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ‏"‏‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، قَالَ‏:‏ ‏"‏سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ‏"‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ، قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي ذَلِكَ‏:‏ ‏"‏هُنَّ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ‏"‏، لِصِحَّةِ الْأِخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَاتُرِهَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ «‏"‏مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَثَلُ نَهْرٍ جَارٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ، يَنْغَمِسُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَمَاذَا يُبْقِينَ مِنْ دَرَنِهِ‏؟‏ ‏"‏»، وَأَنَّ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ أَمْرِ اللَّهِ بِإِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ، وَالْوَعْدُ عَلَى إِقَامَتِهَا الْجَزِيلَ مِنَ الثَّوَابِ عَقِيبِهَا، أَوْلَى مِنَ الْوَعْدِ عَلَى مَا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ مِنْ صَالِحَاتِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، إِذَا خُصَّ بِالْقَصْدِ بِذَلِكَ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ هَذَا الَّذِي أَوْعَدْتُ عَلَيْهِ مِنَ الرُّكُونِ إِلَى الظُّلْمِ، وَتَهَدَّدْتُ فِيهِ، وَالَّذِي وَعَدْتُ فِيهِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ اللَّوَاتِي يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، تَذْكِرَةً ذَكَّرْتُ بِهَا قَوْمًا يَذْكُرُونَ وَعْدَ اللَّهِ، فَيَرْجُونَ ثَوَابَهُ وَوَعِيدَهُ، فَيَخَافُونَ عِقَابَهُ، لَا مَنْ قَدْ طَبَعَ عَلَى قَلْبِهِ، فَلَا يُجِيبُ دَاعِيًا، وَلَا يَسْمَعُ زَاجِرًا‏.‏

وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ رَجُلٍ نَالَ مِنْ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَلَا مِلْكُ يَمِينِهِ بَعْضَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، فَتَابَ مِنْ ذَنْبِهِ ذَلِكَ‏.‏

ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ قَالَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ‏:‏ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي بَعْضِ أَقْطَارِ الْمَدِينَةِ، فَأَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونُ أَنْ أَمَسَّهَا، فَأَنَا هَذَا، فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ‏!‏ فَقَالَ عُمْرُ‏:‏ لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ لَوْ سَتَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ‏!‏ قَالَ‏:‏ وَلَمْ يَرُدُّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا‏.‏ فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ، فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَدَعَاهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَرَأَ عَلَيْهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ‏:‏ هَذَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَاصَّةً‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّة»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ‏:‏ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ، فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا، وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيٍّ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا‏.‏ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمْرُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ خَاصَّةً، أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً‏؟‏ قَالَ‏:‏ لَا بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّة» وَلَفْظُ الْحَدِيثِ لِابْنِ وَكِيعٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ زَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأُسُودِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً فِي بُسْتَانٍ، فَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا، قَبَّلْتُهَا، وَلَزِمْتُهَا، وَلَمْ أَفْعَلْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَافْعَلْ بِي مَا شِئْتَ‏.‏ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا‏.‏ فَذَهَبَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمْرُ‏:‏ لَقَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَوْ سَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ‏!‏ فَأَتْبَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏رُدُّوهُ عَلَيَّ‏!‏ فَرَدُّوهُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ‏:‏ أَلَهُ وَحْدَهُ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّة»‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأُسُودِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ‏:‏ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذْتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَأَصَبْتُ مِنْهَا كُلَّ شَيْءٍ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْهَا، فَاصْنَعْ بِي مَا شِئْتَ‏!‏ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا ذَهَبَ دَعَاهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏»، الْآيَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ خَالِهِ الْأُسُودِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ‏:‏ «أَنَّ رَجُلًا لَقِيَ امْرَأَةً فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَأَصَابَ مِنْهَا مَا دُونُ الْجِمَاعِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَنَزَلَتْ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يَذْهَبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِهَذَا خَاصَّةً، أَوْ لَنَا عَامَّةً‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلْ لَكُمْ عَامَّةً»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ، أَنْبَأَنِي سِمَاكٌ قَالَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ خَالِهِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ لَقِيتُ امْرَأَةً فِي حُشٍّ بِالْمَدِينَةِ، فَأَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونُ الْجِمَاعِ، نَحْوَه»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِهِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ «جَاءَ فُلَانُ بْنُ مُعَتِّبٍ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ، فَنِلْتُ مِنْهَا مَا يَنَالُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ، إِلَّا أَنِّي لَمْ أُوَاقِعْهَا‏؟‏ فَلَمْ يَدْرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُجِيبُهُ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏ الْآيَةَ، فَدَعَاهُ فَقَرَأَهَا عَلَيْه»‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، وَحَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ «أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا بَلَغَ، غَيْرَ أَنَّهُ مَا دُونُ الزِّنَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَنَزَلَتْ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏، فَقَالَ الرَّجُلُ‏:‏ أَلِي هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لِمَنْ أَخَذَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي أَوْ‏:‏ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ‏:‏ «كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ، فَأَخَذَ غُصْنَ شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ فَحَتَّهُ، وَقَالَ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ كُمًّا يَتَحَّاتُّ هَذَا الْوَرَقُ‏!‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، إِلَى آخِرِ الْآيَة»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَحُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ «أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَرَى فِي رَجُلٍ لَقِيَ امْرَأَةً لَا يَعْرِفُهَا، فَلَيْسَ يَأْتِي الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ شَيْئًا إِلَّا قَدْ أَتَاهُ مِنْهَا، غَيْرَ أَنْ لَمْ يُجَامِعْهَا‏؟‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ تَوَضَّأَ ثُمَّ صَلِّ‏.‏ قَالَ مُعَاذٌ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّة»‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى‏:‏ «أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ مَا دُونُ الْجِمَاعِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَرَأَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ‏:‏ أُنْزِلَتْ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏ الْآيَةَ، فَقَالَ مُعَاذٌ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ خَاصَّةً، أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً‏؟‏ قَالَ‏:‏ هِيَ لِلنَّاسِ عَامَّة»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ‏:‏ أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ شَبُّوَيْهِ قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَالَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ قَالَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ عَامِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ‏:‏ «إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقِمْ فِيَّ حَدَّ اللَّهِ مَرَّةً وَاثْنَتَيْنِ‏.‏ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ‏:‏ أَيْنَ هَذَا الْقَائِلُ‏:‏ أَقِمْ فِيَّ حَدَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَنَا ذَا‏!‏ قَالَ‏:‏ هَلْ أَتْمَمْتَ الْوُضُوءَ وَصَلَّيْتَ مَعَنَا آنِفًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏!‏ قَالَ‏:‏ فَإِنَّكَ مِنْ خَطِيئَتِكَ كَمَا وَلَدَتْكَ أُمُّكَ، فَلَا تَعُدْ‏!‏ وَأَنْزَلَ اللَّهُ حِينَئِذٍ عَلَى رَسُولِهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، الْآيَة»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنِي جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، «عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ، لَمْ يَدَعْ شَيْئًا يُصِيبُهُ الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ إِلَّا أَتَاهُ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا حَسَنًا ثُمَّ يُصَلِّي‏.‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏ الْآيَةَ، فَقَالَ مُعَاذٌ‏:‏ هِيَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَاصَّةً، أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّة»

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ‏:‏ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ امْرَأَةً وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَهُ لِحَاجَةٍ، فَأَذِنَ لَهُ، فَذَهَبَ يَطْلُبُهَا فَلَمْ يَجِدْهَا‏.‏ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُبَشِّرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَطَرِ، فَوَجَدَ الْمَرْأَةَ جَالِسَةً عَلَى غَدِيرٍ، فَدَفَعَ فِي صَدْرِهَا وَجَلَسَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَصَارَ ذَكَرُهُ مِثْلَ الْهُدْبَةِ، فَقَامَ نَادِمًا حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ وَصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتِ‏:‏ قَالَ‏:‏ وَتَلَا عَلَيْهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، الْآيَة»‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، «عَنْ أَبِي الْيُسْرِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ قَالَ‏:‏ أَتَتْنِي امْرَأَةٌ تَبْتَاعُ مِنِّي بِدِرْهَمٍ تَمْرًا، فَقُلْتُ‏:‏ إِنَّ فِي الْبَيْتِ تَمْرًا أَجْوَدُ مِنْ هَذَا‏!‏ فَدَخَلَتْ، فَأَهْوَيْتُ إِلَيْهَا فَقَبَّلْتُهَا‏.‏ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ‏:‏ اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ وَتُبْ وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ‏!‏ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ أَخْلَفْتَ رَجُلًا غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي أَهْلِهِ بِمِثْلِ هَذَا‏!‏‏!‏ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي مِنْ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ سَاعَتَئِذٍ‏!‏ قَالَ‏:‏ فَأَطْرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ‏:‏ أَيْنَ أَبُو الْيُسْرِ‏؟‏ فَجِئْتُ، فَقَرَأَ عَلَيَّ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، إِلَى‏:‏ ‏{‏ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏، قَالَ إِنْسَانٌ‏:‏ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَاصَّةً، أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً‏؟‏ قَالَ‏:‏ لِلنَّاسِ عَامَّة»‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، «عَنْ أَبِي الْيُسْرِ قَالَ‏:‏ لَقِيتُ امْرَأَةً فَالْتَزَمْتُهَا، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْهَا، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ‏:‏ اتَّقِ اللَّهَ، وَاسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ، وَلَا تُخْبِرَنَّ أَحَدًا‏!‏ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى أَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ‏:‏ اتَّقِ اللَّهَ وَاسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ وَلَا تُخْبِرَنَ أَحَدًا‏!‏ قَالَ‏:‏ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَهُ‏:‏ هَلْ جَهَّزَتْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ‏؟‏ قُلْتُ‏:‏ لَا قَالَ‏:‏ فَهَلْ خَلَّفَتْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ‏؟‏ قُلْتُ‏:‏ لَا فَقَالَ لِي، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي كُنْتُ دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ تِلْكَ السَّاعَةَ‏!‏ قَالَ‏:‏ فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَرَأَ عَلَيَّ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ‏:‏ أَلِهَذَا خَاصَّةً، أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّة»‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ «أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَلَكْتُ‏!‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏»‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، «عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ‏:‏ ضَرَبَ رَجُلٌ عَلَى كَفَلِ امْرَأَةٍ، ثُمَّ أَتَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمْرَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا‏.‏ فَكُلَّمَا سَأَلَ رَجُلًا مِنْهُمَا عَنْ كَفَّارَةِ ذَلِكَ قَالَ‏:‏ أَمُغَزِّيَةٌ هِيَ ‏[‏مَادًّا‏]‏‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏!‏ قَالَ‏:‏ لَا أَدْرِي‏!‏ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ‏:‏ أَمُغَزِّيَةٌ هِيَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏!‏ قَالَ‏:‏ لَا أَدْرِي‏!‏ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏»‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، «أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى رَجُلٍ يَبِيعُ الدَّقِيقَ، فَقَبَّلَهَا فَأُسْقِطَ فِي يَدِهِ‏.‏ فَأَتَى عُمْرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ‏:‏ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَكُنِ امْرَأَةَ غَازٍ‏!‏ فَقَالَ الرَّجُلُ‏:‏ هِيَ امْرَأَةُ غَازٍ‏.‏ فَذَهَبَ إِلَى أَبَى بَكْرٍ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ عُمْرُ‏.‏ فَذَهَبُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا، فَقَالَ لَهُ‏:‏ كَذَلِكَ، ثُمَّ سَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏، الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏»‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ‏:‏ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ حَتَّى جَاءَتْ إِنْسَانًا يَبِيعُ الدَّقِيقَ لِتَبْتَاعَ مِنْهُ، فَدَخَلَ بِهَا الْبَيْتَ، فَلَمَّا خَلَا لَهُ قَبَّلَهَا‏.‏ قَالَ‏:‏ فَسُقِطَ فِي يَدَيْهِ، فَانْطَلَقَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ‏:‏ أَبْصِرْ، لَا تَكُونَنَّ امْرَأَةَ رَجُلٍ غَازٍ‏!‏ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، نَزَلَ فِي ذَلِكَ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ‏}‏ قِيلَ لِعَطَاءٍ‏:‏ الْمَكْتُوبَةُ هِيَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ، هِيَ الْمَكْتُوبَةُ فَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ‏:‏ هِيَ الْمَكْتُوبَاتُ‏.‏

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ‏:‏ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ‏:‏ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي غَنْمٍ، دَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَقَبَّلَهَا، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى دُبُرِهَا‏.‏ فَجَاءَ إِلَى أَبَى بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى عُمْرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ‏}‏، إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏، فَلَمْ يَزَلِ الرَّجُلُ الَّذِي قَبَّلَ الْمَرْأَةَ يُذْكَرُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ‏}‏»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏115‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَاصْبِرْ، يَا مُحَمَّدُ، عَلَى مَا تَلْقَى مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ مِنَ الْأَذَى فِي اللَّهِ وَالْمَكْرُوهِ، رَجَاءَ جَزِيلِ ثَوَابِ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضَيِّعُ ثَوَابَ عَمَلِ مَنْ أَحْسَنَ فَأَطَاعَ اللَّهَ وَاتَّبَعَ أَمْرَهُ، فَيَذْهَبُ بِهِ، بَلْ يُوَفِّرُهُ أَحْوَجَ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏116‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِإِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَهَلَّا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ الَّذِينَ قَصَصْتُ عَلَيْكَ نَبَّأَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، الَّذِينَ أَهْلَكْتُهُمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ إِيَّايَ، وَكَفْرِهِمْ بِرُسُلِي مِنْ قَبْلِكُمْ‏.‏ ‏{‏أُولُو بَقِيَّةٍ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ ذُو بَقِيَّةٍ مِنَ الْفَهْمِ وَالْعَقْلِ، يَعْتَبِرُونَ مَوَاعِظَ اللَّهِ وَيَتَدَبَّرُونَ حُجَجَهُ، فَيَعْرِفُونَ مَا لَهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَعَلَيْهِمْ فِي الْكُفْرِ بِهِ ‏{‏يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ يَنْهَوْنَ أَهْلَ الْمَعَاصِي عَنْ مَعَاصِيهِمْ، وَأَهْلَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ عَنْ كُفْرِهِمْ بِهِ، فِي أَرْضِهِ ‏{‏إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، إِلَّا يَسِيرًا، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، فَنَجَّاهُمُ اللَّهُ مِنْ عَذَابِهِ، حِينَ أَخَذَ مَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الْكُفْرِ بِاللَّهِ عَذَابُهُ وَهُمُ اتْبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ‏.‏

وَنَصْبُ ‏"‏قَلِيلًا‏"‏ لِأَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ ‏(‏إِلَّا قَلِيلًا‏)‏ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِمَّا قَبِلَهُ، كَمَا قَالَ‏:‏ ‏{‏إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا‏}‏، ‏[‏سُورَةُ يُونُسَ‏:‏ 98‏]‏‏.‏ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ‏:‏ اعْتَذَرَ فَقَالَ‏:‏ ‏{‏فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ‏}‏، حَتَّى بَلَغَ‏:‏ ‏{‏إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ‏}‏، فَإِذَا هُمُ الَّذِينَ نَجَوْا حِينَ نَزَلَ عَذَابُ اللَّهِ‏.‏ وَقَرَأَ‏:‏ ‏{‏وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ‏}‏، إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَسْتَقِلَّهُمُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَوْمٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ قَالَ‏:‏ سَأَلَنِي بِلَالٌ عَنْ قَوْلِ الْحَسَنِ فِي الْقَدَرِ، قَالَ‏:‏ فَقَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ بَعَثَ اللَّهُ هُودًا إِلَى عَادٍ، فَنَجَّى اللَّهُ هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَهَلَكَ الْمُتَمَتِّعُونَ‏.‏ وَبَعَثَ اللَّهُ صَالِحًا إِلَى ثَمُودَ، فَنَجَّى اللَّهُ صَالِحًا وَهَلَكَ الْمُتَمَتِّعُونَ‏.‏ فَجَعَلْتُ أَسْتَقْرِيهِ الْأُمَمَ، فَقَالَ‏:‏ مَا أَرَاهُ إِلَّا كَانَ حَسَّنَ الْقَوْلَ فِي الْقَدَرِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ‏}‏، أَيْ‏:‏ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِكُمْ مَنْ يَنْهَى عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ‏{‏إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ‏}‏‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ‏}‏، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَكَفَرُوا بِاللَّهِ مَا أَتَرِفُوا فِيهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ‏}‏، قَالَ‏:‏ مَا أُنْظِرُوا فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ‏}‏، مِنْ دُنْيَاهُمْ‏.‏

وَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ وَجَّهُوا تَأْوِيلَ الْكَلَامِ‏:‏ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الشَّيْءَ الَّذِي أَنْظَرْهُمْ فِيهِ رَبُّهُمْ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا، إِيثَارًا لَهُ عَلَى عَمَلِ الْآخِرَةِ وَمَا يُنْجِيهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا تَجَبَّرُوا فِيهِ مِنَ الْمَلِكِ، وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ‏}‏، قَالَ‏:‏ فِي مُلْكِهِمْ وَتَجَبُّرِهِمْ، وَتَرَكُوا الْحَقَّ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَتَرْكِهِمُ الْحَقَّ‏.‏

حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مَثْلَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو سَوَاءً‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ‏:‏ إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ أَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ مَنْ كُلِّ أُمَّةٍ سَلَفَتْ فَكَفَرُوا بِاللَّهِ، اتَّبَعُوا مَا أَنَظَّرُوا فِيهِ مِنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا، فَاسْتَكْبَرُوا وَكَفَرُوا بِاللَّهِ، وَاتَّبَعُوا مَا أُنْظَرُوا فِيهِ مِنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا، فَاسْتَكْبَرُوا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَتَجَبَّرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ‏.‏

وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتْرَفَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ‏:‏ هُوَ الْمُنَعَّمُ الَّذِي قَدْ غُذِّيَ بِاللَّذَّاتِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ‏:‏

نُهْدِي رُءُوسَ الْمُتْرَفِينَ الصُّدَّادْ *** إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُمْتَادْ

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَكَانُوا مُجْرِمِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَكَانُوا مُكْتَسِبِي الْكُفْرَ بِاللَّهِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏117‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَمَا كَانَ رَبُّكَ، يَا مُحَمَّدُ، لِيُهْلِكَ الْقُرَى، الَّتِي أَهْلَكَهَا، الَّتِي قَصَّ عَلَيْكَ نَبَأَهَا، ظُلْمًا وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ، غَيْرُ مُسِيئِينَ، فَيَكُونُ إِهْلَاكُهُ إِيَّاهُمْ مَعَ إِصْلَاحِهِمْ فِي أَعْمَالِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ رَبَّهُمْ، ظُلْمًا، وَلَكِنَّهُ أَهْلَكَهَا بِكُفْرِ أَهْلِهَا بِاللَّهِ وَتَمَادِيهِمْ فِي غَيِّهِمْ، وَتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُمْ، وَرُكُوبِهِمُ السَّيِّئَاتِ‏.‏

وَقَدْ قِيلَ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ لَمْ يَكُنْ لِيُهْلِكَهُمْ بِشِرْكِهِمْ بِاللَّهِ‏.‏ وَذَلِكَ قَوْلُهُ ‏"‏بِظُلْمٍ‏"‏ يَعْنِي‏:‏ بِشِرْكٍ ‏{‏وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ‏}‏، فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَتَظَالَمُونَ، وَلَكِنَّهُمْ يَتَعَاطَوْنَ الْحَقَّ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ، إِنَّمَا يُهْلِكُهُمْ إِذَا تَظَالَمُوا‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏118- 119‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ، يَا مُحَمَّدُ، لَجَعَلَ النَّاسَ كُلَّهَا جَمَاعَةً وَاحِدَةً عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَدِينٍ وَاحِدٍ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً‏}‏، يَقُولُ‏:‏ لَجَعَلَهُمْ مُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَلَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفِينَ ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏‏.‏

ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ‏"‏الْاِخْتِلَافِ‏"‏ الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ النَّاسَ أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ بِهِ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَدْيَانِ فَتَأْوِيلُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ‏:‏ وَلَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفِينَ عَلَى أَدْيَانٍ شَتَّى، مِنْ بَيْنِ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ، وَمَجُوسِيٍّ، وَنَحْوَ ذَلِكَ‏.‏

وَقَالَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةَ‏:‏ اسْتَثْنَى اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَحِمَهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الْإِيمَانِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ، وَالْحَنِيفِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ رَحِمَ رَبُّكَ

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ، ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُمُ الْحَنِيفِيَّةُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِلْحَسَنِ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ النَّاسُ مُخْتَلِفُونَ عَلَى أَدْيَانٍ شَتَّى، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ، فَمَنْ رَحِمَ غَيْرُ مُخْتَلِفِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْبَاطِلِ ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْحَقِّ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْبَاطِلِ ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْحَقِّ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ النَّاسُ كُلُّهُمْ مُخْتَلِفُونَ عَلَى أَدْيَانٍ شَتَّى، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ، فَمَنْ رَحِمَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ‏.‏ فَقُلْتُ لَهُ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِجْنَّتِهِ، وَهَؤُلَاءِ لِنَارِهِ، وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِرَحْمَتِهِ، وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِعَذَابِهِ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْبَاطِلِ ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْحَقِّ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْحَقِّ وَأَهْلُ الْبَاطِلِ‏.‏ ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْحَقِّ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ‏:‏ ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْحَقِّ، لَيْسَ فِيهِمُ اخْتِلَافٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْقِبْلَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ، أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْبَاطِلِ ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْحَقِّ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ لَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْهَوَى‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، فَأَهْلُ رَحْمَةِ اللَّهِ أَهْلُ جَمَاعَةٍ، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ دُورُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ، وَأَهْلُ مَعْصِيَتِهِ أَهْلُ فُرْقَةٍ، وَإِنِ اجْتَمَعَتْ دُورُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ مَنْ جَعَلَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ وَاصِلٍ، عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْبَاطِلِ، ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْبَاطِلِ ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْحَقِّ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي الرِّزْقِ، فَهَذَا فَقِيرٌ وَهَذَا غَنِيٌّ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ‏:‏ مُخْتَلِفِينَ فِي الرِّزْقِ، سَخَّرَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ‏.‏

وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مُخْتَلِفِينَ فِي الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، أَوْ كَمَا قَالَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ ‏"‏وَلَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفِينَ فِي أَدْيَانِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ عَلَى أَدْيَانٍ وَمِلَلٍ وَأَهْوَاءٍ شَتَّى، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ، فَآمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَقَ رُسُلَهُ، فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ، وَمَا جَاءَهُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ‏"‏‏.‏

وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ‏}‏، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ أَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ ذِكْرِ خَبَرِهِ عَنِ اخْتِلَافِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنِ اخْتِلَافٍ مَذْمُومٍ يُوجِبُ لَهُمُ النَّارَ، وَلَوْ كَانَ خَبَرًا عَنِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الرِّزْقِ، لَمْ يُعَقِّبْ ذَلِكَ بِالْخَبَرِ عَنْ عِقَابِهِمْ وَعَذَابِهِمْ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ‏:‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَاهُ‏:‏ وَلِلِاخْتِلَافِ خَلَقَهُمْ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ لِلِاخْتِلَافِ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِلْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ خَلَقَ هَؤُلَاءِ لَجْنَّتِهِ وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِنَارِهِ، وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِرَحْمَتِهِ، وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِعَذَابِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّهَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَسَنِ‏.‏ بِنَحْوِهِ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ، وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ، حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَمَّا أَهْلُ رَحْمَةِ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ اخْتِلَافًا يَضُرُّهُمْ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ خَلَقَهُمْ فَرِيقَيْنِ‏:‏ فَرِيقًا يُرْحَمُ فَلَا يَخْتَلِفُ، وَفَرِيقًا لَا يُرْحَمُ يَخْتَلِفُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ‏}‏، ‏[‏سُورَةُ هُودٍ‏:‏ 105‏]‏‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَهُودٌ وَنَصَارَى وَمَجُوسٌ ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ مَنْ جَعَلَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ‏:‏ ‏"‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ‏"‏، قَالَ‏:‏ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ، أَخْبَرَنَا أَشْهَبُ قَالَ‏:‏ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ خَلَقَهُمْ لِيَكُونُوا فَرِيقَيْنِ‏:‏ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ، وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَلِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ لِلرَّحْمَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ لِلرَّحْمَةِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا سُوِيدٌ قَالَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ لِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ لِلرَّحْمَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ، أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْحَقِّ وَمَنِ اتَّبَعَهُ لِرَحْمَتِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ لِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ وَلَمْ يَخْلُقْهُمْ لِلْعَذَابِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ وَلِلِاخْتِلَافِ بِالشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ خَلَقَهُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ جُلَّ ذِكْرُهُ ذَكَرَ صِنْفَيْنِ مِنْ خَلْقِهِ‏:‏ أَحَدُهُمَا أَهْلُ اخْتِلَافٍ وَبَاطِلٍ، وَالْآخِرُ أَهْلُ حَقِّ، ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، فَعَمَّ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏، صِفَةُ الصِّنْفَيْنِ، فَأَخْبَرَ عَنْ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتُ، فَقَدْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُخْتَلِفُونَ غَيْرَ مَلُومِينَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ، إِذْ كَانَ لِذَلِكَ خَلَقَهُمْ رَبُّهُمْ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُتَمَتِّعُونَ هُمُ الْمَلُومِينَ‏؟‏

قِيلَ‏:‏ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبْتُ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ‏:‏ وَلَا يَزَالُ النَّاسَ مُخْتَلِفِينَ بِالْبَاطِلِ مِنْ أَدْيَانِهِمْ وَمِلَلِهِمْ، ‏{‏إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏}‏، فَهَدَاهُ لِلْحَقِّ وَلِعِلْمِهِ، وَعَلَى عِلْمِهِ النَّافِذِ فِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ‏,‏ أَنَّهُ يَكُونُ فِيهِمُ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَالشَّقِيُّ وَالسَّعِيدُ ‏,‏ خَلَقَهُمْ فَمَعْنَى اللَّامِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ‏}‏ بِمَعْنَى ‏"‏عَلَى‏"‏ كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ‏:‏ أَكْرَمْتُكَ عَلَى بِرِّكَ بِي، وَأَكْرَمْتُكَ لِبِرِّكَ بِي‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ‏}‏، لِعِلْمِهِ السَّابِقِ فِيهِمْ أَنَّهُمْ يَسْتَوْجِبُونَ صَلِّيَهَا بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ، وَخِلَافِهِمْ أَمْرَهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ‏}‏، قَسَمٌ كَقَوْلِ الْقَائِلِ‏:‏ حَلِفِي لِأَزُورَنَّكَ، وَبَدَا لِي لَآتِيَنَّكَ، وَلِذَلِكَ تُلُقِّيَتْ بِلَامِ الْيَمِينِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏مِنَ الْجِنَّةِ‏)‏، وَهِيَ مَا اجْتَنَّ عَنْ أَبْصَارِ بَنِي آدَمَ ‏(‏وَالنَّاسِ‏)‏، يَعْنِي‏:‏ وَبَنِى آدَمَ‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ إِنَّهُمْ سُمُّوا ‏"‏الْجِنَّةَ‏"‏، لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْجِنَانِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ‏:‏ وَإِنَّمَا سُمُّوا ‏"‏الْجِنَّةَ ‏"‏ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْجِنَانِ، وَالْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ ‏"‏جِنَّةٌ

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏الْجِنَّةُ‏"‏‏:‏ الْمَلَائِكَةُ‏.‏

وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِ أَبَى مَالِكٍ هَذَا‏:‏ أَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَالْجِنُّ ذُرِّيَّتُهُ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُسَمَّى عِنْدَهُ الْجِنَّ، لَمَّا قَدْ بَيَّنْتُ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏120‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ‏}‏، يَا مُحَمَّدُ ‏{‏مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ‏}‏، الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكَ ‏{‏مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ‏}‏، فَلَا تَجْزَعُ مِنْ تَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَكَ مِنْ قَوْمِكَ، وَرَدَّ عَلَيْكَ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ، وَلَا يَضِقْ صَدْرُكَ، فَتَتْرُكُ بَعْضَ مَا أَنْزَلْتُ إِلَيْكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ قَالُوا‏:‏ ‏{‏لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ‏}‏‏؟‏ إِذَا عَلِمْتَ مَا لَقِيَ مَنْ قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِي مِنْ أُمَمِهَا، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ‏}‏، قَالَ‏:‏ لِتَعْلَمَ مَا لَقِيَتِ الرُّسُلُ قَبْلَكَ مِنْ أُمَمِهِمْ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ ‏"‏كُلًّا‏"‏‏:‏

فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ‏:‏ نُصِبَ عَلَى مَعْنَى‏:‏ وَنَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثْبِتُ بِهِ فُؤَادَكَ، كُلًّا، كَأَنَّ الْكُلَّ مَنْصُوبٌ عِنْدَهُ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ ‏"‏نَقُصُّ‏"‏ بِتَأْوِيلِ‏:‏ وَنَقُصُّ عَلَيْكَ ذَلِكَ كُلَّ الْقَصَصِ‏.‏

وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَقَالَ‏:‏ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَقَالَ إِنَّمَا نُصِبَتْ ‏"‏كُلًّا‏"‏ ب ‏"‏نَقُصُّ‏"‏، لِأَنَّ ‏"‏كُلًّا‏"‏ بُنِيَتْ عَلَى الْإِضَافَةِ، كَانَ مَعَهَا إِضَافَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَالَ‏:‏ أَرَادَ‏:‏ كُلَّهُ نَقُصُّ عَلَيْكَ، وَجَعَلَ ‏"‏مَا نُثَبِّتُ‏"‏ رَدًّا عَلَى ‏"‏كُلًّا‏"‏، وَقَدْ بَيَّنْتُ الصَّوَابَ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ‏:‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَاهُ‏:‏ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْحَقُّ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُلَيْدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، قَالَ‏:‏ فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خُلَيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، قَالَ‏:‏ فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَمْرٍو الْعَنْبَرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، قَالَ‏:‏ فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْعَنْبَرِ قَالَ‏:‏ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، قَالَ‏:‏ فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى بَلَغَ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، قَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْغَرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏ فَقَالَ‏:‏ فِي هَذِهِ السُّورَةِ

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏، فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ‏:‏ هَذِهِ السُّورَةُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيِدٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ، أَخْبَرَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، قَالَ‏:‏ فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، بِمِثْلِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنَ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنِ الْحَسَنِ‏.‏ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏[‏مِثْلَهُ‏]‏‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَعْنِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْحَقُّ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، قَالَ‏:‏ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏، قَالَ‏:‏ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ‏:‏ فِي الدُّنْيَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْحَقُّ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلَهُ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ أَوَ لَمْ يَجِيءِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَقُّ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، فَيُقَالُ‏:‏ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْحَقُّ‏؟‏

قِيلَ لَهُ‏:‏ بَلَى، قَدْ جَاءَهُ فِيهَا كُلَّهَا‏.‏

فَإِنْ قَالَ‏:‏ فَمَا وَجْهُ خُصُوصِهِ إِذًا فِي هَذِهِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ‏}‏‏؟‏ قِيلَ‏:‏ إِنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ‏:‏ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْحَقُّ مَعَ مَا جَاءَكَ فِي سَائِرِ سُوَرِ الْقُرْآنِ أَوْ إِلَى مَا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ فِي سَائِرِ سُوَرِ الْقُرْآنِ لَا أَنْ مَعْنَاهُ‏:‏ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْحَقُّ دُونَ سَائِرِ سُوَرِ الْقُرْآنِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏وَمَوْعِظَةٌ‏)‏ يَقُولُ‏:‏ وَجَاءَكَ مَوْعِظَةٌ تَعِظُ الْجَاهِلِينَ بِاللَّهِ، وَتُبَيِّنُ لَهُمْ عِبَرَهً مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ ‏{‏وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَتَذْكِرَةٌ تُذَكِّرُ الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، كَيْ لَا يَغْفُلُوا عَنِ الْوَاجِبِ لِلَّهِ عَلَيْهِمْ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏121- 122‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَقُلْ، يَا مُحَمَّدُ، لِلَّذِينِ لَا يُصَدِّقُونَكَ وَلَا يُقِرُّونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ ‏{‏اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ عَلَى هِينَتِكُمْ وَتَمَكُّنِكُمْ مَا أَنْتُمْ عَامِلُوهُ فَإِنَّا عَامِلُونَ مَا نَحْنُ عَامِلُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي أَمَرَنَا اللَّهُ بِهَا وَانْتَظَرُوا مَا وَعَدَكُمُ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّا مُنْتَظِرُونَ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ مِنْ حَرْبِكُمْ وَنُصْرَتِنَا عَلَيْكُمْ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَقُولُ‏:‏ انْتَظِرُوا مَوَاعِيدَ الشَّيْطَانِ إِيَّاكُمْ عَلَى مَا يُزَيِّنُ لَكُمْ ‏(‏إِنَّا مُنْتَظِرُونَ‏)‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏123‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَلِلَّهِ، يَا مُحَمَّدُ، مُلْكُ كُلِّ مَا غَابَ عَنْكَ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَلَمْ تَطَّلِعْ وَلَمْ تَعْلَمْهُ، كُلُّ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَبِعِلْمِهِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَا يَعْمَلُهُ مُشْرِكُو قَوْمِكَ، وَمَا إِلَيْهِ مَصِيرُ أَمْرِهِمْ، مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى الشِّرْكِ، أَوْ إِقْلَاعٍ عَنْهُ وَتَوْبَةٍ ‏{‏وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَإِلَى اللَّهِ مَعَادُ كُلِّ عَامِلٍ وَعَمَلِهِ، وَهُوَ مُجَازٍ جَمِيعَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ‏:‏ ‏{‏وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ‏}‏، قَالَ‏:‏ فَيَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ بِالْعَدْلِ‏.‏

‏(‏فَاعْبُدْهُ‏)‏، يَقُولُ‏:‏ فَاعْبُدْ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ ‏{‏وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَفَوِّضْ أَمْرَكَ إِلَيْهِ، وَثِقْ بِهِ وَبِكِفَايَتِهِ، فَإِنَّهُ كَافِي مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏}‏، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَمَا رَبُّكَ، يَا مُحَمَّدُ، بِسَاهٍ عَمَّا يَعْمَلُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ، بَلْ هُوَ مُحِيطٌ بِهِ، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهُ، وَهُوَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، فَلَا يَحْزُنْكَ إِعْرَاضُهُمْ عَنْكَ، وَلَا تَكْذِيبُهُمْ بِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ، وَامْضِ لِأَمْرِ رَبِّكَ، فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ‏:‏ خَاتِمَةُ ‏"‏التَّوْرَاةِ‏"‏، خَاتِمَةُ ‏"‏هُودٍ

‏(‏آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ هُودٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ‏)‏‏.‏